التوجهات العامة:
التوجهات الاستراتيجية:
- اعادة صياغة المشروع الاسلامي الذي تطرحه الحركة على المجتمع في افق مختلف عن الماضي بما يجدد من شرعية مقارباته، ويجعله مستجيبا لانتظارات كل فئات الشعب التونسي.
- تطوير البناء الهيكلي للمشروع المجتمعي الذي تشتغل عليه الحركة في اهدافه ومناهج الاشتغال عليه ومعايير تنزيله وطرق ادارته بما يفتح المجال لرسم استراتيجية جديدة تستجيب لمتغيرات الواقع والتطوير الفكري والسياسي والمنهجي المتراكم في ادبيات الحركة.
- تجديد فقه الحكم وسبل ادارة المؤسسات العمومية والتعامل مع المرفق العمومي بما يجعل من مؤسسات الدولة محايدة تجاه كل الاطراف وتقدم خدماتها لكل المواطنين دون تمييز بينهم.
- بناء تصورات ناجعة حول ضمانات نجاح التحول الديمقراطي واستقرار النظام السياسي.
- تحديد شروط مصالحة المجتمع مع دولته (السّلم الأهلي والاجتماعي. الحريات والتداول السّلمي على السّلطة. احترام حقوق الإنسان. مقتضيات الدّولة المدنية. خيارات اقتصادية وطنيّة. نجاح الانتخابات القادمة.)
- بناء حزب وطني قوي منسجم مع الموروث النفسي والثقافي والمجتمعي للشعب التونسي ومعبر عن وحدته الوطنية ومصالحه الحيوية. وحتى يتحقق هذا الهدف لا بد من استيضاح الرؤية فيما يتعلق بمفاصل المشروع في ابعاده المتعددة بين الجمع بين هذه الابعاد في وعاء واحد أو تجاوز مركزية ادارة المشروع والفصل بين الوعاء الحزبي والوعاء الدعوي.
- الهوية العربية الإسلامية جامعة لكل التونسيين بغض النظر عن تأويلاتهم المختلفة للنص القرآني أو للحديث النبوي وان الحكم على هذا التأويل أو ذاك شأن علماء الشريعة لا تخصص فيه للأحزاب السياسية. كما نؤكد على أهمية إطلاق المبادرات الإبداعية الفنية والجمالية ونثمّن دورها في بناء الشخصية التونسية الحديثة. كما نرفض كل محاولات الإسقاط التي تستهدف تشويه المزاج المجتمعي وذائقته وتريد توجيها قسريّا لاهتماماته ورؤاه.
التوجهات السّياسية:
بقي المجتمع التونسي موحدا فترة طويلة من تاريخه رغم كل المحن والفتن التي مر بها. ونقدر أن ذلك يعود إلى قدرة هذا الشعب على تجاوز خلافاته الداخلية وإصراره على النظر للمستقبل باستمرار. ورغم الملابسات التي حفت ببناء الدولة التونسية المستقلة فان هذا المجتمع بقي متماسكا صابرا على ما أصابه من حيف وظلم. وان الشعب التونسي الذي استفاد من ارثه الإصلاحي العظيم منذ خير الدين، قد ارتقى بوعيه الجمعي إلى مستوى متميز في كل المنطقة العربية. فاليوم نرى مجتمعا تونسيا متمسكا بهويته العربية الاسلامية في كلياتها ومقاصدها عاملا على الاستفادة من قيم الحداثة في نمط حياته في انسجام لا افراط فيه ولا تفريط وهو مكسب لا استغناء ولا تنازل عنه. وكل مشروع مجتمعي جديد مطالب بالبناء على هذا المكسب وتطويره لا نقضه ومعارضته. لقد اخذ المجتمع التونسي ما يحتاجه من قيم الحداثة مثلما تشبع بالقدر المناسب من تراثه وأصوله الفكرية والعقدية. لذلك نرى هوية شعبنا ثابتة غير معرضة للاستلاب ولا الامّحاء، ونعتبر أن من يريد تعزيز مكامن الهوية عند هذا الشعب أو الاشتغال على تطوير المتغيرات في هذه الهوية ما عليه إلا بذل الجهد لإثراء الحوار الفكري والثقافي الذي يجب أن يستمر بين كل حساسياته، بعيد عن كل اكراه أو عنف يهدد السّلم والأمن ويخل بالقوانين العامة ويهدد حياة المواطنين. وهذا يستوجب العمل على:
- الخروج من الاستقطاب المجتمعي الحاد بين انماط مجتمعية مختلفة حداثية متعارضة مع تاريخ هذا المجتمع وانتمائه وثقافته أو منغلقة جامدة وحرفية تريد القفز على طبيعة المجتمع التونسي ومنهجه الوسطي المعتدل. وذلك عمل استراتيجي هام يكون من خلال تمليك المجتمع التونسي للمشروع الاسلامي كما نفهمه، بتشجيع التعبيرات المجتمعية الجمعياتية والاهلية والعفوية التي تشتغل على بث مشروعنا الاسلامي وتبنيه من فئات اجتماعية واسعة، والتخلص من التعبيرات النخبوية التي تريد ايجاد مجتمع موازي.
- الاهتمام بدور مجتمع المعرفة والمجتمع الافتراضي بالنظر الى مساهمة هذه الفضاءات في التغييرات التاريخية التي تشهدها المنطقة. فالتدفق السريع والنوعي للمعلومات والتأثير المباشر للشبكة العنكبوتية واتساع الفضاء المعرفي ساهمت كلها بشكل رئيسي في الثورات الاخيرة.
- اعادة التفكير في اليات التغيير داخل المجتمع بين دور الدولة واهمية هذا الدور وبين آليات التغيير النابعة من داخل المجتمع باعتبار ان هدف نشر القيم الإسلامية وتفعيلها داخل المجتمع يبقى الأساس في مشروعنا.
- العمل على تعميق اثار التغيير والتحول في الواقع بإحياء وتجديد الثقافة المجتمعية الاصيلة المعبرة عن الانتماء العربي الاسلامي للمجتمع التونسي.
- اعتبار موضوع المرأة وتثمين مكاسبها التي تدعمت من خلال الوعي العام داخل المجتمع وحركة الاصلاح التي انطلقت مبكرا منذ القرن التاسع عشر.
- حماية نظام الاسرة وتوفير شروط التماسك الأسري الاجتماعية منها والقيمية حتى تساهم الاسرة في عملية بناء الشخصية الايجابية والفاعلة في محيطها.
- الاهتمام بالشباب ودعم حضوره ومساهمته في بناء الواقع الديمقراطي الجديد وتصدر عملية الفعل المجتمعي.
- إعداد مشروع لإصلاح التعليم يقوم على مصالحة التونسيين مع بيئتهم الثقافية ومحيطهم الحضاري بما يعزز الشعور بالانتماء للفضاء الحضاري العربي الإسلامي واعتداد التونسي بشخصيته الوطنية، كما يعمل هذه المشروع على جودة التعليم وتحقيق التنافسية المطلوبة في هذا القطاع الحيوي على المستوى الدولي.
- العمل على اعادة تفعيل نظام الوقف والحبس نظرا لما تساهم به هذه المنظومة من تحقيق للتكافل الاجتماعي وتحصين لأفراد المجتمع من الهيمنة والاستغلال.
التوجهات الداخلية:
الملاحظ ان المحور الداخلي هو نتيجة من جهة للخيارات الاستراتيجية والسياسية والمجتمعية التي نحددها واستفادة من التجربة التنظيمية الطويلة التي عاشتها الحركة وبالنظر أيضا لما تواجهه الحركة من متغيرات هامة منذ ثورة 14 جانفي. وهذا يستوجب الوقوف عند كل هذه المعطيات لصياغة هذا المحور. غير ان ذلك لا يغني عن الوقوف عند بعض القضايا التي نحتاج التأكيد عليها:
- اطلاق خطة للإصلاح الهيكلي للحركة يبنى على وضع اليات للرقابة وتقييم الأداء والمتابعة الناجعة.
- اهمية قضية اللامركزية ودورها في تحسين الاداء الهيكلي لمؤسسات الحركة وفروعها. فأنظمة الادارة الحديثة تنحو كلها لتدعيم اللامركزية فضلا عن ما يلاحظ احيانا من اختلال في العلاقة بين المركزي والجهات وتعطل الاداء الجهوي بانشغال المركزي ببعض القضايا ذات الاولوية في حينه. لكن يبقى السؤال حول شروط نجاح هذا التوجه ومدى جهوزية الجهات لتطبيقه.
- اهمية بناء مؤسسات فاعلة ومستقرة ومنضبطة وخاضعة في تعييناتها لشروط موضوعية بحسب خصوصية كل مؤسسة.
- توسيع الديمقراطية الداخلية وتدعيم اليات الشورى وتوسيع فضاءات الحوار الداخلي وايجاد الاجراءات والقوانين المنظمة لهذه العملية، وبما لا ينتقص من نجاعة الخيارات وسرعة اتخاد القرارات.
- وضع اسس هيكلية تراعي التنوع داخل الحركة بين الانتماء الترابي والقطاعي الوظيفي بما يوفر الشروط المناسبة لتفعيل كل ابناء الحركة.
- وضع اسس جديدة للتنظيم القاعدي تتحد ضمنه اطر التربية والتأطير والتكوين والعضوية والفاعلية، ويستجيب للمتغيرات في حاجة الافراد وتطور الواقع السياسي والقانوني في البلاد.
- ضبط المواصفات التربوية التي تبنى عليها رؤيتنا في التربية والتكوين الداخلي.
شهد الوعي السياسي داخل الحركة تطورا عميقا وذلك منذ تأسيسها وعلى امتداد مسارها النضالي، من خلال تأصيلها وتبنيها معاني الحداثة السياسية من ديمقراطية وعمل مدني سلمي وتمييز واضح بين المرجعية الدينية والمرجعية السياسية في الممارسة والخطاب. وحركة النهضة التي شهدت حوارات عديدة قبل الثورة وبعدها تتقدم للشعب التونسي من موقعها الجديد ومستفيدة من كل تلك الحوارات باعتبارها حزبا وطنيا مفتوحا لكل التونسيين على اساس اهدافها التي اعلنتها منذ تأسيسها وعلى اساس سمتها وثقافتها الداخلية المشتركة بين ابنائها. ووعيا منها بالمرحلة ومهامها واولوياتها فإنها تبني تصوراتها انطلاقا من صياغة رؤيتها السياسية في المرحلة القادمة.
- العمل على مطالب الثورة: لا بد من الاستمرار في العمل على مطالب الثورة في الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية والتشغيل والتوازن بين الجهات باعتبارها الموجهات الكبرى لخياراتنا المستقبلية. اذ لمّا تفجّرت ثورة شعبنا، كانت اغلب التقارير الاقتصادية ومؤشرات التنمية البشرية تضع تونس بين أفضل الدول في المنطقة بل وأحيانا في العالم. ثم اكتشف الجميع زيف هذه المعطيات عندما شاهد البؤس الذي كان يلف التونسيين ليس فقط في مجال حقوق الإنسان والحريات العامة إنما أيضا من خلال تفشي البطالة وتدهور المقدرة الشرائية للمواطن وانتشار الفقر بين فئات واسعة كانت بالأمس القريب عماد الطبقة الوسطى في المجتمع. وقبل أن يسقط النّظام يوم 14 جانفي تهاوت كل رهاناته في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية بديلا عن الانفتاح السياسي والديمقراطية. لقد أعادت ثورة الكرامة الشرعية لكل المقاربات التي تعالج مشاكل المواطن التونسي ضمن رؤية متكاملة، فلا تحقق للكرامة الإنسانية في نظام ديمقراطي يعجز عن توفير فرص الشغل والسكن والتنمية في المجتمع، كما لا كرامة لشعب تلهيه لقمة العيش عن المطالبة بحريته. لقد نجح مطلب الكرامة في التعبير عن حاجة التونسيين للجمع بين الحقوق السياسية والحقوق الاقتصادية والاجتماعية. وحزب "حركة النهضة" الذي يتبنى هذا التصور التنموي المتكامل يعتبر أن تونس التي يجب أن تتسع لكل أبنائها، تحتاج منا العمل على ضمان العيش الكريم لكل التونسيين.
- اعتماد المنهج السّياسي التّوافقي: فبناء الديمقراطية الناشئة يقوم على توسيع القاعدة السياسية للحكم وتشريك اغلب التونسيين في تحديد الخيارات الجوهرية المتعلقة بإعادة بناء النظام السياسي وتحديد النمط المجتمعي. اننا نستشعر المسؤولية الوطنية الكبيرة في أن نعمل بالتعاون مع كلّ شركائنا على تحقيق المطلب الأساسي لثورة الشعب التونسي أي الكرامة والحرية. ونرى أن كل تونسي لن يعتبر ثورته قد بلغت مداها ما لم يجد نفسه متحررا من الخوف على رزقه ومستقبل أبنائه من جهة ومتمتعا بمواطنيته كاملة من جهة ثانية. وانه يحق لهذه الشعب الذي عانى طويلا من التسلط وانتهاك حقوقه الأساسية والسطو على رزقه وتهديد أمنه الاقتصادي، هذا الشعب حقيق اليوم بان يعيش حياة أفضل قوامها أن الناس شركاء في ثلاثة أشياء يعد الحرمان من احدها إخلالا خطيرا بمنظومة الحقوق الاجتماعية والاقتصادية والسياسية في البلاد: الحرية والكرامة والعدالة.
- مطلب الحكم الرشيد: ما نادت به ثورة الكرامة والحرية في تونس احدث قطيعة مع شكل النظام السياسي الذي ساد البلاد طوال أكثر من خمسة عقود. وما الإصرار على الذهاب إلى مجلس تأسيسي إلا تعبيرا عن الحلم التونسي في تأسيس نظام سياسي جديد تتحقق فيه معاني العدل وسيادة القانون ومساواة الجميع أمامه وحكم المؤسسات وشفافية التعاملات الإدارية والمالية وتوازن السلطات. لم يكن ذلك الحلم بعزيز عن إرادة حرة وصادقة لشعب قدم من بين طلائعه الشبابية المناضلة موكبا طويلا من الشهداء على امتداد أكثر من قرن في تاريخه الحديث. ويرتبط ذلك بتبني تصور للممارسة المقيدة للسلطة بما يمنع تغوّل الدولة على حساب قوى المجتمع، وحيث يمتلك المجتمع الأدوات التي يستطيع من خلالها الدفاع عن نفسه. ومقتضى ذلك الالتزام بالديمقراطية الدستورية حيث علوية القانون وتساوي الجميع امام القوانين المنظمة للحياة العامة والاحتكام للمبادئ التي قام عليها الدستور التونسي، فضلا عن تنقية الممارسة السياسية من الانتهازية والتعبيرات اللاّاخلاقية واللامبدئية، ودعم التجربة التعددية الحزبية باعتبارها الآلية الوحيدة للتداول على السلطة.
- رؤية وطنية للتنمية المتوازنة والعادلة: لقد بان القصور جليا في الخيارات الاقتصادية والاجتماعية والتنموية التي انتهجها النظام السابق. فمظاهر الأزمة متعددة في هذا المجال حيث التفاوت الجهوي غير المقبول والبطالة المتفشية في صفوف الشباب وخاصة من بين أصحاب الشهائد العليا وقوانين الشغل الهشّة. وإننا عندما نؤكّد على انعدام التّوازن بين الجهات فإنّنا نبني موقفنا على ما نرصده من بيانات ومؤشرات اقتصادية واجتماعية مفزعة تجعل أكثر من ثلثي البلاد مناطق رمادية يسكنها الفقر وتنخر أبناءها البطالة. إلا أن ذلك أيضا لا ينسينا مشاريع التنمية الهشّة التي نراها في مناطق أخرى تبدو كما لو كانت أحسن حظا. فما يعانيه رأس المال الوطني من صعوبات خطيرة دليل آخر على فشل خيارات السلطة التي استبدلت منهج بناء قاعدة اقتصادية وتنموية صلبة بالعمل على توجيه الاستثمار إلى مجالات ربحية سريعة ولكنها متهالكة. إننا في حركة "حزب النهضة" نعتبر التنمية التحدي الأخطر الذي تواجهه بلادنا اليوم، لكننا أيضا نريد تنمية عادلة ومتوازنة بين الجهات الجغرافية والفئات الاجتماعية. فلا مجال لتكريس عدم التوازن الجهوي الذي أرساه الاستعمار الفرنسي خدمة لمصالحه الضيقة. ولن نقبل بان تهمّش قطاعات واسعة من الشعب التونسي ومنها الشبابية خاصة وأصحاب الشهائد العليا بدعوى عجز المنوال الاقتصادي عن توفير مواطن شغل كافية.
- العمل على مشروع للإصلاح الإداري بما يرسخ حياد الإدارة تجاه الأطراف السياسية المتنافسة وبما يفعل دور الإدارة في التنمية الشاملة.
- بلورة إجراءات العدالة الانتقالية في بعديها المتعلق منها بجبر الأضرار لضحايا النظام السابق أو استمرار خطوات المحاسبة وفتح ملفات الفساد. حيث لا إمكان لمصالحة وطنية دون الأخذ بهذين الاجرائين.
- تجسيم سياسات الانفتاح على العالم في تنوعه الثقافي. وإعطاء الأولوية للحزام المغاربي فالعربي فالإسلامي فالمتوسّطي فالدّولي. مع التأكيد على أن تموقع تونس في تقاطعات تاريخية وجغرافية ومن حيث التوازنات الدولية وشبكة المصالح المتداخلة يؤثر بشكل مباشر على سياسات الانفتاح التي يجب أن تراعي كل هذه العوامل.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire